نجحت أول سفينة حاويات تعمل بالميثانول الأخضر في إتمام أولى رحلاتها من كوريا الجنوبية في آسيا، مرورًا بأفريقيا، وصولًا إلى آخر محطاتها بالدنمارك في أوروبا.
والميثانول هو مركب هيدروكربوني يتألف من كلٍ من الكربون والهيدروجين والأكسجين، ويصبح أخضر عند إنتاجه باستعمال مصادر الطاقة المتجددة.وتسَع السفينة التابعة لعملاقة الشحن العالمية ميرسك (Maersk) ألفين و100 حاوية، وسارت في أولى رحلاتها لمسافة 21 ألفًا و500 كيلومتر، بحسب تقرير نشرته منصة “أوفشور إنرجي” (offshore-energy).
ومن المقرر بدء تشغيل أول سفينة حاويات تعمل بالميثانول الأخضر في العالم بداية شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل 2024.
وكانت مصر قد أعلنت نجاح أولى عمليات تزويد السفينة العاملة بالميثانول الأخضر على أراضيها بـ500 طن من الوقود في 18 أغسطس/آب المنصرم 2023، في عملية استمرت نحو 6 ساعات.
أعربت شركة ميرسك العالمية مالكة أول سفينة حاويات تعمل بالميثانول الأخضر عن سعادتها بنجاح أولى رحلات السفينة، قائلة: “أصبح ما بدا أنه حلم قبل عامين حقيقة الآن”.
ومن المقرر أن تنظم الشركة حفلًا آخر غدًا في كوبنهاجن، لتسمية السفينة الرائدة، التي ستظل داخل ميناء كوبنهاجن لمدة أسبوع، وستشهد العديد من الأنشطة المتعلقة بإزالة الكربون من قطاع الشحن البحري.
وزوّدت شركة “أو سي آي غلوبال” الهولندية (OCI Global) سفينة الحاويات بالميثانول الأخضر في رحلتها الأولى.
وفيما بعد، ستحصل السفينة على الميثانول الأخضر من شركة إكوينور النرويجية (Equinor)، لحين بدء الإنتاج من مصنع الميثانول الأخضر التابع لشركة “يوروبيان إنرجي” (European Energy) خلال النصف الثاني من عام 2024 المقبل.
ومن المقرر أن تتزود السفينة بالميثانول الأخضر من ميناء روتردام الهولندي كل 5 أسابيع.
وقبل أسبوعين، شهد ميناء روتردام أول عملية تزوّد بالميثانول الأخضر في أوروبا، عندما توقفت السفينة هناك لتبديل طاقمها الأول.
وتحتاج سفينة الحاويات العاملة بالميثانول لاستعمال وقود أكبر بمقدار مرتين أو مرتين ونصف عن الوقود التقليدي.
يُعدّ الميثانول الأخضر أحد الحلول العملية للتخلص من الاعتماد الكبير على الوقود الأحفوري في قطاع الشحن البحري الذي يصعب تقليل انبعاثاته، لاعتماده على زيت الوقود الثقيل.
وتقول منصة “بلومبرغ نيو إنرجي” (Bloomberg NGF)، إن استعمال الميثانول الأخضر في قطاع الشحن البحري تزايد مقارنة بالعام الماضي (2022)؛ إذ إنه يمتلك خصائص مشابهة للوقود الثقيل، كما أنه منخفض الانبعاثات.
وبحسب المنصة، فهناك طلب متزايد على وقود الميثانول الأخضر من شركات الحاويات العملاقة، مثل ميرسك سيلاند (Maersk Sealand) الدنماركية، وإيفرغرين (Evergreen) التايوانية.
وتستعد شركة ميرسك العالمية لاستقبال أسطول جديد من السفن والعابرة للمحيطات التي تعمل بالميثانول في العام المقبل 2024.
وتعتمد ميرسك وشركتها التابعة سفيتزر (Svitzer) على الميثانول الأخضر لتقليل البصمة الكربونية، وخفض الانبعاثات.
وعلى نحو خاص، وضعت “سفيتزر” هدف خفض الكربون بنسبة 50% بحلول عام 2030، وتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2040.
ويُسهم وقود الميثانول الأخضر في توفير 100 طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون يوميًا مقارنة بالوقود الأحفوري التقليدي، كما يقلل الوقود الأخضر نحو 65% من الغازات المسببة للاحتباس الحراري مقارنة بالوقود التقليدي، ومن المحتمل ارتفاع النسبة إلى 95% وفقًا لطريقة إنتاج الميثانول.
وفّرت الرحلة تجربة عملية لبحارة شركة ميرسك لتشغيل أول سفينة تعمل بالميثانول الأخضر، وخاصة في التعامل مع المحركات الجديدة واستعمال وقود الميثانول الجديد.
يقول قبطان السفينة بريان سورينسن: “من المثير دومًا قيادة سفينة جديدة”، موضحًا أن طاقم السفينة حصل على تدريبات، وأجرى تحضيرات من أجل إنجاح عمليات التزويد بالوقود، للتأكد من جميع تدابير السلامة عند التعامل مع الميثانول.
يُشار هنا إلى أن الميثانول قد تخرج منه ألسنة لهب غير مرئية في ضوء النهار.
وتضمنت هذه التدابير معدّات إضافية لإطفاء الحرائق ورغوة إطفاء في غرفة الميثانول، ومحطات التزود بالوقود، وأسفل غرفة المحرك، ووصلات تحكم على خراطيم الوقود، وآلات تصوير؛ حتى لا يشارك أفراد الطاقم بأنفسهم، ويتعرضون للغاز السام خلال التزود بالوقود.
وبحسب القبطان، وُضِع خزّانا الميثانول أمام غرفة محرك السفينة وخارج المنطقة الأمنة، مشيرًا إلى أن السفينة -مثل أيّ سفينة حاويات أخرى- تبدو عادية، ويمكنها حمل شحنات خطرة.
وعن الفارق بين تشغيل سفينة تعمل بالوقود التقليدي وأكبر سفينة حاويات تعمل بالميثانول الأخضر، قال كبير مهندسي السفينة هينو سوغارد نيلسن، إن السفينة الرائدة عملت بوساطة نوعين من الوقود؛ وهو ما يعني مراقبة المزيد من أنظمة الوقود ووصلات الأنابيب.
وأضاف أن التجربة قدّمت خبرة هائلة لجميع مهندسي السفينة بشأن طريقة تشغيل محركات تعمل بالميثانول.
يُشار إلى أن طاقم السفينة يضم حاليًا 20 شخصًا، منهم 14 مؤهلين للتعامل مع مسائل السلامة والأمن على السفينة.